متى يفي المرء بوعده؟ ومتى يخلف؟.
اذا اعتبر المرء، ان الوعد مسؤولية في رقبته، فانه سيفي به مهما كان الثمن، اما اذا كان الوعد في فهمه، طريق للفرار من اللحظة الحرجة، وانه مجرد لقلقة لسان وكلام قد يضطر اليه في وقت الشدة، فانه سوف لن يفكر في الوفاء به حتى اذا كان الثمن بسيطا جدا.
الاسلام يعتبر ان الوفاء مسؤولية، يجب ان يفي بها المرء، فصاحب الدين لا ينكث بوعده، وذو المروءة لا ينقض عهده، كما ان ذي الشهامة لا يتهرب من وعد يقطعه لاحد، وان كان طفله الصغير، فالوفاء دليل الصدق والامانة.
تاسيسا على ذلك، يجب علينا ان نتعلم كيف نفي بوعودنا فلا ننقلب عليها بذرائع شتى، كما ان علينا ان نعلم اولادنا الوفاء بالوعد وعدم نكث عهد يقطعونه على انفسهم او لغيرهم، فان من علامات المروءة الوفاء بالعهد والالتزام بالوعد، ولذلك خلد الله تعالى هذه الصفة (الوفاء بالوعد) عند نبيه اسماعيل عليه السلام بقوله {واذكر في الكتاب اسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا} ليتعلمها بني البشر، فيتخذون من نبيه قدوة واسوة في التحلي بها كواحدة من اعظم المناقبيات التي يجب ان يتصف بها المرء، خاصة صاحب الدين والاخلاق الحسنة والصفات الفاضلة.
ان للوفاء مراتب، كالصبر والايمان والتقوى، وغيرها من الصفات الحسنة، فكيف يمكن لنا ان نرتقي بانفسنا لأعلى مراتب الوفاء؟ وعدم الاكتفاء بالمستويات الدنيا منه؟.
اعتقد ان ذلك ممكن من خلال ما يلي؛
اولا: لا شك ان للتربية اثر كبير في تنمية هذه الخصلة الحميدة في انفسنا، ولذلك يجب ان نهتم بتربية اولادنا على هذه الخصلة منذ الصغر، فلا نستهين بقابليتهم على التعلم منا، او لا نعير اهمية لقدراتهم على التطبع على القيم الحسنة، ف (التعلم في الصغر كالنقش على الحجر) كما ورد في الماثور.
وطريقة التربية هنا، في ان نفي بكل وعد نقطعه لهم، فلا نشعرهم باننا نعدهم بامر ما ليس من اجل ان نفي به، وانما من اجل ان نخدعهم او نتهرب منهم لحظة الحاحهم او اصرارهم على شئ، او من اجل ان نستدرجهم لانجاز امر ما فقط، فاذا ما تم لنا ذلك، هربنا من الوعد واخلفنا عهدنا معهم، ان كل ذلك يطبع في اذهانهم صورة سيئة جدا عن معنى الوفاء، وبالتالي سيكبر الصغير ويشب وهو يتصور بان قطع الوعد على النفس واعطاء العهد للاخرين لا يعني الا الهرب، وهو لا يعني الالتزام والوفاء ابدا، وفي الكبر سيمثل هكذا انسان اسوا صور النكث بالعهد وعدم الالتزام بالوعد، اي بمعنى آخر سيكون، في هذه الحالة، النموذج في الكذب وعدم الصدق وربما الخيانة.
والاسوا من ذلك، عندما يتعلم الصغير ان قطع العهد يتزامن، في اللحظة ذاتها، مع قرار خفي بنكثه، اي انه يعطي عهدا بالعلن ويقرر النكث سرا في آن واحد، وهو ما نسميه بعدم الوفاء بالعهد مع سبق الاصرار، وتتولد هذه الحالة عند المرء عندما تتكرر تجاربه مع والديه في عدم الوفاء بالعهد وعدم التزامهما بالوعود التي يقطعونها له، وتلك هي الطامة الكبرى، كما يقولون.
ان من مسؤوليتنا الدينية والاخلاقية والتربوية، ان نعلم اولادنا كيف يفون بوعودهم، كما علينا ان نعلمهم بان لا يقطعوا وعدا الا بعد ان يتيقنوا بانهم قادرون على الوفاء به، ليعذروا انفسهم اذا ما اضطروا الى نكثه لسبب من الاسباب خارج عن ارادتهم.
على الاب ان يسعى للوفاء بوعده لابنه، او بعضه على الاقل، اذا ما وعده بلعبة، مثلا، اذا انجز مهامه المنزلية او اكمل واجباته المدرسية في المنزل، وان على الام ان تسعى جاهدة من اجل ان تفي بوعدها لبنتها اذا ما وعدتها بنزهة، مثلا، اذا ما ساعدتها في مهامها المنزلية، وان على الاخ الاكبر ان يفي بوعده لاخيه الصغير، والبنت الكبيرة لاختها الصغيرة، وهكذا، ليكون الحاكم في الجو العائلي هو الوفاء بين الجميع، لتنمو عندهم هذه الملكة، فيشبوا وتشب معهم هذه الخصلة الحميدة، فيكبروا اوفياء، وان من الجريمة الكبرى ان يحاول احدهم نكث وعده لاي منهم بحجة النسيان او التغافل او صغر سن الموعود بشئ، فتكرار نكث الوعد سينمي في النفوس عدم الثقة وتكذيب احدهم للاخر، وتاليا سينمي في النفوس ظاهرة النفاق، ان عاجلا ام آجلا، وتلك هي اخطر الصفات التي يمكن ان يشب عليها الانسان، بسبب النكث المتكرر للعهود والوعود.
ولا ننسى هنا اهمية الوفاء بالعهود بين الاباء والامهات انفسهم، خاصة امام الابناء، فان ذلك، هو الاخر، ينمي عندهم معنى الوفاء والالتزام بالعهد والوعد.
ولنتعلم ونعلم ابناءنا الوفاء من العباس بن على امير المؤمنين عليهم السلام، والذي رباه ابوه على الوفاء منذ الطفولة، فترجمها واقعا عملاقا في كربلاء، عندما وقف الى جانب اخيه سيد الشهداء السبط الامام الحسين بن علي عليهم السلام في يوم عاشوراء، ليخلد خصلة الوفاء في كل حين، عندما نقرا في زيارته ونقول {فجزاك الله افضل الجزاء واكثر الجزاء واوفر الجزاء واوفى جزاء احد ممن وفى ببيعته واستجاب له دعوته واطاع ولاة امره}.
لقد وفى العباس عليه السلام بعهده الذي قطعه على نفسه ولربه وابيه الامام امير المؤمنين عليه السلام، بالرغم من كل الظروف القاسية التي مر بها، وبالرغم، كذلك، من الاغراءات العظيمة التي عرضت عليه، والتي وعدته بحماية نفسه من القتل والهلاك، ان ترك السبط وشانه، الا ان ارادته كانت هي الاقوى، وان ايمانه كان هو الحاكم، فتغلب على كل شئ، ليفي بوعده، فخلده التاريخ وخلدته الاجيال.
ثانيا: والى جانب التربية، فان للثقافة دور مهم في تنمية صفة الوفاء عند الانسان، من خلال التغذية الثقافية على اهمية الوفاء ودوره في صياغة شخصية المرء، وكيف ان الوفاء بالوعد يبني للانسان شخصية محبوبة في المجتمع يثق بها الناس، لدرجة انه يتحول، بمرور الزمن ومع تراكم تجارب الناس معه، الى شخصية فذة مطلوبة لقضاء حوائج الناس ولحل مشاكلهم، وفض النزاعات فيما بينهم، وتلك نعمة كبيرة وعظيمة يمنها الله تعالى على عبده، عندما يجعل له بين الناس لسان صدق، اي يصدقه الناس عندما يقول ويثق به الناس عندما يعد، والى هذا المعنى يشير الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام بقوله {الا وان اللسان الصالح يجعله الله تعالى للمرء في الناس، خير له من المال يورثه من لا يحمده}.
.
اذا اعتبر المرء، ان الوعد مسؤولية في رقبته، فانه سيفي به مهما كان الثمن، اما اذا كان الوعد في فهمه، طريق للفرار من اللحظة الحرجة، وانه مجرد لقلقة لسان وكلام قد يضطر اليه في وقت الشدة، فانه سوف لن يفكر في الوفاء به حتى اذا كان الثمن بسيطا جدا.
الاسلام يعتبر ان الوفاء مسؤولية، يجب ان يفي بها المرء، فصاحب الدين لا ينكث بوعده، وذو المروءة لا ينقض عهده، كما ان ذي الشهامة لا يتهرب من وعد يقطعه لاحد، وان كان طفله الصغير، فالوفاء دليل الصدق والامانة.
تاسيسا على ذلك، يجب علينا ان نتعلم كيف نفي بوعودنا فلا ننقلب عليها بذرائع شتى، كما ان علينا ان نعلم اولادنا الوفاء بالوعد وعدم نكث عهد يقطعونه على انفسهم او لغيرهم، فان من علامات المروءة الوفاء بالعهد والالتزام بالوعد، ولذلك خلد الله تعالى هذه الصفة (الوفاء بالوعد) عند نبيه اسماعيل عليه السلام بقوله {واذكر في الكتاب اسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا} ليتعلمها بني البشر، فيتخذون من نبيه قدوة واسوة في التحلي بها كواحدة من اعظم المناقبيات التي يجب ان يتصف بها المرء، خاصة صاحب الدين والاخلاق الحسنة والصفات الفاضلة.
ان للوفاء مراتب، كالصبر والايمان والتقوى، وغيرها من الصفات الحسنة، فكيف يمكن لنا ان نرتقي بانفسنا لأعلى مراتب الوفاء؟ وعدم الاكتفاء بالمستويات الدنيا منه؟.
اعتقد ان ذلك ممكن من خلال ما يلي؛
اولا: لا شك ان للتربية اثر كبير في تنمية هذه الخصلة الحميدة في انفسنا، ولذلك يجب ان نهتم بتربية اولادنا على هذه الخصلة منذ الصغر، فلا نستهين بقابليتهم على التعلم منا، او لا نعير اهمية لقدراتهم على التطبع على القيم الحسنة، ف (التعلم في الصغر كالنقش على الحجر) كما ورد في الماثور.
وطريقة التربية هنا، في ان نفي بكل وعد نقطعه لهم، فلا نشعرهم باننا نعدهم بامر ما ليس من اجل ان نفي به، وانما من اجل ان نخدعهم او نتهرب منهم لحظة الحاحهم او اصرارهم على شئ، او من اجل ان نستدرجهم لانجاز امر ما فقط، فاذا ما تم لنا ذلك، هربنا من الوعد واخلفنا عهدنا معهم، ان كل ذلك يطبع في اذهانهم صورة سيئة جدا عن معنى الوفاء، وبالتالي سيكبر الصغير ويشب وهو يتصور بان قطع الوعد على النفس واعطاء العهد للاخرين لا يعني الا الهرب، وهو لا يعني الالتزام والوفاء ابدا، وفي الكبر سيمثل هكذا انسان اسوا صور النكث بالعهد وعدم الالتزام بالوعد، اي بمعنى آخر سيكون، في هذه الحالة، النموذج في الكذب وعدم الصدق وربما الخيانة.
والاسوا من ذلك، عندما يتعلم الصغير ان قطع العهد يتزامن، في اللحظة ذاتها، مع قرار خفي بنكثه، اي انه يعطي عهدا بالعلن ويقرر النكث سرا في آن واحد، وهو ما نسميه بعدم الوفاء بالعهد مع سبق الاصرار، وتتولد هذه الحالة عند المرء عندما تتكرر تجاربه مع والديه في عدم الوفاء بالعهد وعدم التزامهما بالوعود التي يقطعونها له، وتلك هي الطامة الكبرى، كما يقولون.
ان من مسؤوليتنا الدينية والاخلاقية والتربوية، ان نعلم اولادنا كيف يفون بوعودهم، كما علينا ان نعلمهم بان لا يقطعوا وعدا الا بعد ان يتيقنوا بانهم قادرون على الوفاء به، ليعذروا انفسهم اذا ما اضطروا الى نكثه لسبب من الاسباب خارج عن ارادتهم.
على الاب ان يسعى للوفاء بوعده لابنه، او بعضه على الاقل، اذا ما وعده بلعبة، مثلا، اذا انجز مهامه المنزلية او اكمل واجباته المدرسية في المنزل، وان على الام ان تسعى جاهدة من اجل ان تفي بوعدها لبنتها اذا ما وعدتها بنزهة، مثلا، اذا ما ساعدتها في مهامها المنزلية، وان على الاخ الاكبر ان يفي بوعده لاخيه الصغير، والبنت الكبيرة لاختها الصغيرة، وهكذا، ليكون الحاكم في الجو العائلي هو الوفاء بين الجميع، لتنمو عندهم هذه الملكة، فيشبوا وتشب معهم هذه الخصلة الحميدة، فيكبروا اوفياء، وان من الجريمة الكبرى ان يحاول احدهم نكث وعده لاي منهم بحجة النسيان او التغافل او صغر سن الموعود بشئ، فتكرار نكث الوعد سينمي في النفوس عدم الثقة وتكذيب احدهم للاخر، وتاليا سينمي في النفوس ظاهرة النفاق، ان عاجلا ام آجلا، وتلك هي اخطر الصفات التي يمكن ان يشب عليها الانسان، بسبب النكث المتكرر للعهود والوعود.
ولا ننسى هنا اهمية الوفاء بالعهود بين الاباء والامهات انفسهم، خاصة امام الابناء، فان ذلك، هو الاخر، ينمي عندهم معنى الوفاء والالتزام بالعهد والوعد.
ولنتعلم ونعلم ابناءنا الوفاء من العباس بن على امير المؤمنين عليهم السلام، والذي رباه ابوه على الوفاء منذ الطفولة، فترجمها واقعا عملاقا في كربلاء، عندما وقف الى جانب اخيه سيد الشهداء السبط الامام الحسين بن علي عليهم السلام في يوم عاشوراء، ليخلد خصلة الوفاء في كل حين، عندما نقرا في زيارته ونقول {فجزاك الله افضل الجزاء واكثر الجزاء واوفر الجزاء واوفى جزاء احد ممن وفى ببيعته واستجاب له دعوته واطاع ولاة امره}.
لقد وفى العباس عليه السلام بعهده الذي قطعه على نفسه ولربه وابيه الامام امير المؤمنين عليه السلام، بالرغم من كل الظروف القاسية التي مر بها، وبالرغم، كذلك، من الاغراءات العظيمة التي عرضت عليه، والتي وعدته بحماية نفسه من القتل والهلاك، ان ترك السبط وشانه، الا ان ارادته كانت هي الاقوى، وان ايمانه كان هو الحاكم، فتغلب على كل شئ، ليفي بوعده، فخلده التاريخ وخلدته الاجيال.
ثانيا: والى جانب التربية، فان للثقافة دور مهم في تنمية صفة الوفاء عند الانسان، من خلال التغذية الثقافية على اهمية الوفاء ودوره في صياغة شخصية المرء، وكيف ان الوفاء بالوعد يبني للانسان شخصية محبوبة في المجتمع يثق بها الناس، لدرجة انه يتحول، بمرور الزمن ومع تراكم تجارب الناس معه، الى شخصية فذة مطلوبة لقضاء حوائج الناس ولحل مشاكلهم، وفض النزاعات فيما بينهم، وتلك نعمة كبيرة وعظيمة يمنها الله تعالى على عبده، عندما يجعل له بين الناس لسان صدق، اي يصدقه الناس عندما يقول ويثق به الناس عندما يعد، والى هذا المعنى يشير الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام بقوله {الا وان اللسان الصالح يجعله الله تعالى للمرء في الناس، خير له من المال يورثه من لا يحمده}.
.